منتديات أبن الميرزا

عانقت جدران منتدانا
عطر قدومك ... وتزيّنت
مساحاته بأعذب عبارات الود والترحيب
ومشاعر الأخوة والإخلاص ... كفوفنا ممدودة
لكفوفـك لنخضبها جميعاً بالتكاتف في سبيـل زرع بذور
الأخلاقيـات الراقيـة ولا نلبـث أن نجني منهـا
إن شاء الله ثمراً صالحاً.. ونتشـارك
كالأسرة الواحدة لتثقيف بعضنا
البعض في كل المجالات
أتمنى لك قضاء
وقت ممتع
معنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات أبن الميرزا

عانقت جدران منتدانا
عطر قدومك ... وتزيّنت
مساحاته بأعذب عبارات الود والترحيب
ومشاعر الأخوة والإخلاص ... كفوفنا ممدودة
لكفوفـك لنخضبها جميعاً بالتكاتف في سبيـل زرع بذور
الأخلاقيـات الراقيـة ولا نلبـث أن نجني منهـا
إن شاء الله ثمراً صالحاً.. ونتشـارك
كالأسرة الواحدة لتثقيف بعضنا
البعض في كل المجالات
أتمنى لك قضاء
وقت ممتع
معنا

منتديات أبن الميرزا

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

••.•´¯`•.•• (اللهم صلِ على محمد وآل محمد) ••.•´¯`•.••

 

إصدارات الجديده 2010   1431للرواديد الحسينيه

    

    
    

وأحدث الافلام الكرتونيه   

    


    لماذا القدوة؟

    بن الميرزا
    بن الميرزا
    Admin
    Admin


    لماذا القدوة؟ Empty لماذا القدوة؟

    مُساهمة من طرف بن الميرزا السبت يوليو 04, 2009 8:32 pm

    لماذا القدوة؟


    في البداية، لماذا القدوة في حركة الإنسان في الحياة؟ لماذا لا تكفي الفكرة التي تدخل في وعي الإنسان لتقوده نحو الحركة؟ لماذا يبحث الناس في كل حركة الإنسان في الحياة، عن النموذج الكامل أو الأكمل للفكرة.

    إنّ المسألة.. هي أنّ الفكرة قد تنطلق خيالاً يشكّ الناس في واقعيتّه، وقد تنطلق الفكرة لتوحي للناس في حالات التساؤل والشكّ أنها لا تملك كل عناصرها في حركة الواقع الإنساني إذا كانت تملك بعض العناصر.

    لذلك كان الإنسان في كلِّ تساؤلاته عن واقعيّة الفكرة وعن حركيتّها، يبحث عن تجسيد الفكرة في الواقع، وعن أنسنة الفكرة في الإنسان، لأنّ الفكرة تبقى شيئاً في العقل، فإذا تحرَّكت في الواقع صارت إنساناً يتحرّك.

    والّذين يمثّلون حركيّة الفكرة في الواقع هم الذين يمنحوننا، في حركتنا الفكرية، الثقة بالفكرة كشيء يمكن أن يدخل في حركتنا في الحياة، كما دخل في عقولنا في الوعي.

    هذا من جهة، ومن جهة ثانية يواجهنا السؤال الآخر: هل نستطيع أن نفصل في الحاجة إلى القدوة بين المرأة والرجل؟ وهل تجاوز الرجل مسألة الحاجة إلى القدوة، حتى نقدّم المرأة كإنسان يركض وراء هذه الحاجة؟ وهل نحن في كلّ ما يعيشه إنسان ما من غنى في الفكر، أو في الروح، أو في الحركة، أو في كل عناصر الشخصيّة، هل نستطيع أن نفصل بين هذا الإنسان وبين الإنسان الآخر ليكون نموذجاً لفريق دون أن يكون نموذجاً لفريق آخر أيضاً؟

    إنّ المرأة عندما تختزن حيوية الفكرة الكبيرة في داخل شخصيتها، فإنها لا تنطلق من خلال شخصيتها كامرأة، وإنما من خلال شخصيتّها كإنسانة تحمل بعض العناصر التي تميزّها عن الإنسان الآخر الرجل، ولكنّها تشترك معه في القاعدة العامة التي تنتج الفكر وتنتج الحركة.

    إنّ المرأة النموذج هي الإنسان النموذج الذي يمثّل قدوةً للرجل والمرأة علي السواء، والرجل النموذج هو الإنسان النموذج الذي يمثّل القدوة للمرأة والرجل على السواء.

    إننا نجد أنّ المسألة التي تفرض نفسها علينا، في كل واقعنا الفكري الذي يبحث عن أرض ينغرس فيها، أو عن إنسان يتجسّد فيه، وعن أفق ينطلق معه، إننا نشعر أنّ الرجل والمرأة سواء في الحاجة إلى ذلك.

    وقد لاحظنا في القرآن الكريم أنّه جعل المرأة في واقعها السلبي، والمرأة في واقعها الإيجابي، مثلاً للرجال والنساء معاً، لم يجعل المرأة مثلاً للمرأة ليجعل الرجل مثلاً للرجل، لأنهمّا لا يفترقان في عناصر الإنسانية العميقة التي تعيش في كل حركيتهما في الحياة.

    {ضَرَبَ اللَّهُ مثلاً للذينَ كفروا امرأة نوحٍ وامرأةَ لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادِنا صالحينِ فخانتاهما فلم يُغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين} (التحريم/10).

    فالإنسان عندما يتحرّك في الموقع السلبي في الحياة، فلن يستطيع أن يستفيد من علاقته بالإنسان الذي يملك الموقع الإيجابي في الحياة، لأنّ الإنسان يتحرّك من خلال مسؤوليّته الفردية، ولا يمكن لإنسان أن يعطي إنساناً قيمةً من خلال العلاقة إذا كان الإنسان يفتقد القيمة الذاتيّة في ذاته.

    وهكذا نجد في الجانب الآخر الإيجابي: {وضربَ اللَّهُ مثلاً للذين آمنوا امرأةً فرعونَ إذ قالت ربِّ ابنِ لي عندك بيتاً في الجنة ونجِّني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين} (التحريم/11).

    هذه الإنسانة القويّة في إيمانها، القويّة في موقفها، المتمرّدة على كلِّ السلبيات التي تعيش في ساحتها، الرافضة لكلِّ الظلم الذي يمارسه زوجها الظالم في موقعه وفي موقفه ضدّ الناس المستضعفين. عندما كان الناس يحدّقون بزوجها في عظمته.. كانت تحدّق بالله في إيمانها، وكانت تتحرّك على أساس أن تطلب من الله أن يعطيها العون على أن تتحرّر من فرعون وعمله، وأن تتحرّر من كلِّ المجتمع الظالم، وأن يرضى الله عنها، لأنّ قصّتها في إيمانها هي أن يرضى الله عنها، وليست المشكلة أن يرضى زوجها أو يرضى الظالمون عنها، لأن القضية هي أنها أخلصت لإنسانيّتها في إخلاصها لإيمانها، ولم تشعر أنّ زوجيتها لهذا الإنسان الذي تألّه واستكبر، يجعلها تعيش دور المنفعلة في كلّ أجوائه، ولكنها أرادت أن تكون بشخصيّتها القوية قوة إيمانها، الإنسانَ الفاعل في حركتها في الحياة.

    وبذلك أثبتت أنّ المرأة عندما تعيش الإيمان العميق، الذي يتحرك في عقلها، وينبض في قلبها، ويعيش في حركتها، لن تكون الإنسانة المنفعلة بغرائزها وشهواتها وواقعها، ولكنّها تكون الإنسانة الفاعلة من خلال إرادة تتصلّب، ومن خلال موقف يثبت، ومن خلال قضية تنطلق.

    {ربِّ ابنِ لي عندك بيتاً في الجنة ونجِّني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين} (التحريم/11).

    إنّ الاستعانة بالله سبحانه هي حركة قوة في الإنسان، وليست حركة ضعف، لأنّ الله يريد من الإنسان أن يتحسّس ضعفه بين يديه، لأنّ ضعفه أمام الله هو حقيقة وجوده، ولكنه في الوقت نفسه يريد منه أن ينطلق ليستمدّ منه قوةً. {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ الله معنا} (التوبة/40).

    وبذلك، فإنّ موقف الضعف بين يدي الله لا يهدم معنى القوّة في الإنسان، ولكنّه يرجع الإنسان إلى طبيعته التي لا تملك كل عناصر القوة أمام النظام الكوني، وأمام كل الأشياء الخارجة عن القدرة، حتّى إذا تحركت عناصر ضعفها لتشدها إلى الأسفل، انفتحت على الله ليعطيها القوّة الروحية ليرتفع بها إلى الأعلى.

    والإنسانة الثانية التي ضربها الله مثلاً للذين آمنوا: {ومريم ابنةَ عمرانَ التي أحصنت فَرْجَها فنفخنا فيه من روحنا وصدَّقت بكلماتِ ربها وكتبِهِ وكانت من القانتين} (التحريم/12).

    مريم الإنسانة التي امتلأت روحها بكلمة الله قبل أن تأتيها كلمة الله، وامتلأ عقلها بحبِّ الله وبكتابه قبل أن ينـزل على ابنها كتاب الله، وكانت من القانتين، ثم في تجربتها الحيّة، تجربة الإنسانة التي جعلها الله مظهر قدرة مميزة، لا تعرف البشرية في كل تاريخها مثالاً لها، ولذلك كانت هذه التجربة الحيّة تجربةً تتحدّى كل ضعف مريم، ضعف الإنسان في عناصر إنسانيتها، وضعف الأنثى في عناصر أنوثتها، ولذلك {قالت يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسياً منسياً} (مريم/23).

    ولكن عندما انطلقت كل ألطاف الله عليها، وعندما تلقّت التعليمات واستنفرت إيمانها عندما قيل لها: {فإما ترينَّ من البشرِ أحداً فقولي إني نذرتُ للرحمنِ صوماً فلن أُكلّمَ اليوم إنسياً} (مريم/26).

    إنّها تقف لتعبر عن موقفها بالصمت، ولذلك {فأتت به قومَها تحملُه قالوا يا مريمَ لقد جئتِ شيئاً فريّاً* يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوءٍ وما كانت أمُّك بغياً* فأشارت إليه…} (مريم/27_29).

    دون أن تسقط ودون أن تهتز ودون أن تضعف، أشارت إليه بكل عظمة الرافض لكل هذه الكلمات، المطمئنّ بأنّ كل كلماتهم اللامسؤولة ستتساقط أمام قوتها وعظمتها.

    {فأشارت إليه قالوا كيفَ نُكَلِّمُ من كان في المهد صبياً* قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً...} (مريم/29_30) إلى آخر الآيات.

    إنّها مثلٌ للرجال والنساء على السواء، الذين ينطلقون من خلال إيمانهم لينفتحوا على الله، ولينفتحوا على ألطاف الله، وعلى رسالة الله، وليتحركوا في الحياة عندما يستوحون القوّة من الله، ليواجهوا المجتمع بكل قوّة.

    وذلك هو مثل لكلِّ إنسان يملك البراءة مما يتهمه به الناس، ويملك الموقف الطاهر الأبيض أمام كل ما يراد أن يحاط به من تهاويل.

    إنّه المثل من خلال مريم، أن يقف الإنسان في قوة براءته، وفي قوة طهارته، وفي قوة واقعيّته، ليواجه الموقف المضادّ بكل ثقة، بعد أن يكون قد استعدّ للإجابة على كل سؤال، واستعدّ للتحرك في كلّ موقع يحتاج إلى الحركة.

    في ضوء ما تقدَّم، فإنّ المرأة تكون قدوةً للرجل وللمرأة على السواء، كما هو الرجل قدوة للمرأة والرجل على السواء.

    وهكذا ننطلق لنتحدث عن فاطمة الزهراء (ع)، على أساس حاجتنا إلى القدوة الصالحة كرجال ونساء. ما هي قصة الزهراء في وجداننا الإسلامي أو في وجداننا الروحي أو الإنساني؟

    إننا نريد أن ننطلق بها كقدوةٍ من خلال تنوّع الأبعاد: كانت الزهراء زوجةً وكانت أماً، ويحدّثنا تاريخها أنها عاشت مع زوجها كأفضل ما تكون الزوجة، محبةً ووفاءً وطاعةً ورعاية، ولذلك ينقل تاريخها أنها في أيامها الأخيرة عندما أوصت علياً (ع) بوصاياها قالت له: «ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عرفتك»، فقال لها: «أنت أبرّ وأتقى وأعرف بالله من أن أوبِّخك في شيء من ذلك».

    كانت ترعى زوجها، وزوجها مثقل بمسؤولية الجهاد، كان يخرج من حرب من حروب النبي (ص) ليدخل في حرب أخرى، ولم تتأفّف من ذلك بكل ما يمكن أن يفرضه ذلك من ضريبة قاسية على كلِّ نساء المجاهدين، وكانت مثقلةً بالأولاد، ولكنَّ ذلك كله لم يمنعها من أن تخلص لدورها في البيت كزوجة وأم، ترعى أولادها، كما ترعى أباها بأفضل ما تكون الرعاية.
    بن الميرزا
    بن الميرزا
    Admin
    Admin


    لماذا القدوة؟ Empty رد: لماذا القدوة؟

    مُساهمة من طرف بن الميرزا السبت يوليو 04, 2009 8:35 pm

    [b]
    أدوار من حياة الزهراء (ع)


    عندما ندرس الزهراء (ع) فلا نجد في حياتها أنها عاشت طفولة الأطفال الذين يلهون ويعبثون ويلعبون. كانت طفولتها لا تحمل أية فرصة للعب وللهو كما يلعب أو يعبث أو يلهو الأطفال.. فتحت عينيها على الحياة، وإذا بأبيها رسول الله (ص) يأتي بين وقت وآخر، مثقلاً بكلّ ما يلقيه عليه المشركون من ضغوط ومن أعباء ومن مشاكل، وحتى من الأقذار التي كانت تلقى على ظهره وهو يصلّي.

    فنقرأ في تاريخ الزهراء (ع) أنها رأت أباها (ص) وهو قادم من المسجد الحرام، والمشركون قد وضعوا الأوساخ على ظهره، فلم تملك إلاّ أن تعبّر عن حزنها ومواساتها لأبيها (ص) بالبكاء. كانت الطفلة التي لا يتجاوز عمرها السنتين أو الثلاث أو الأربع، كانت تعيش الألم، وكانت لا تملك إلاّ أن تواسي أباها (ع) بذلك.

    كانت تتحسَّس أنّ آلامه آلامها، فتختزن في طفولتها آلام الرسالة وآلام الرسول، ومَن يختزن في وعيه الطفولي المبكّر آلام الرسول وآلام الرسالة، كيف يفسح له الوقت أن يعبث أو أن يلهو أو أن يلعب. إنّ اللّهو والعبث واللعب يتحرك في حياتنا من موقع الفراغ، ولكن الإنسان الذي يشعر بأنّ هناك فكرة تملأ عقله، وأنّ هناك عاطفة تملأ قلبه، وأنّ هناك واقعاً يملأ حياته، لا يجد فرصة للهو والعبث واللعب.

    وهكذا نشأت الزهراء (ع)، لا كما ينشأ الأطفال، نشأت رساليّةً في مشاعرها.

    عاشت الزهراء (ع) حياةً قصيرةً في سني العمر، إذ يقول بعض المؤرّخين أنّ عمرها عندما توفيت كان دون العشرين، وبعضهم يقول إنها كانت دون الثلاثين.. هذا العمر القصير، كان مليئاً بكلّ ما يجعل منها امرأةً حيّةً بشكل كامل، في كلِّ الأجواء الرسالية والروحية والعملية للرجال والنساء معاً.

    كان كلّ ما يشغلها في طفولتها _ في ما ينقله التاريخ إلينا _ هو رعايتها لأبيها رسول الله (ص)، حتى قال عنها «إنها أم أبيها»(1).

    كان يعتبرها أماً له، لأنّه فقد حنان الأم في طفولته، فكانت ابنته فاطمة (ع) تقوم بمسؤولية الأم في عاطفتها وحنانها، فتملأ حياة الرسول (ص) بالحنان.

    وعندما انتقلت الزهراء (ع) إلى المدينة، بعد أن هاجر رسول الله إلى المدينة، تزوّجت عليّاً، وكان علي (ع) كفؤ فاطمة، فقد روي عن رسول الله (ص) أنه قال: «لو لم يكن علي لما كان لفاطمة كفؤ»، والنبي (ص) لا يتحدّث عن كفاءة النسب، لأنّ هناك أكثر من ابن عم له، ولكنه كان يتحدّث عن كفاءة الروح، وكفاءة العقل والفكر، وكفاءة الزهد.

    فقد كانت فاطمة بعقلها وفكرها وروحها وطهرها وجهادها، كفؤاً لعلي الذي كان في المستوى الأعلى والأكبر من كلِّ هذه الصفات والمعاني.

    وهكذا عاشت فاطمة (ع) حياةً متعددة في وقت واحد، أخلصت لدورها كزوجة مع علي (ع)، فكانت تهيئ له الجو الذي يحتاجه الزوج المسلم المجاهد في مستوى علي (ع).

    ثم تحمّلت دورها (ع) كأم، فكانت ترعى أولادها لتربيهم التربية الإسلامية الرائعة، وكانت تتحمّل مسؤولياتها كربة بيت، فكانت تجهد نفسها في إدارة كل شؤون البيت، دون أن تنسى مسؤوليتها مع رسول الله (ص) الذي لم يقبل أن تفترق فاطمة عنه حتى بعد زواجها، فلم يقبل أن تسكن في بيت آخر بعيد عنه، بل ضمّها إلى البيت الذي يقارب بيته، أو يدخل منه إلى بيته.

    مصحف الزهراء:

    لقد كانت الزهراء (ع) ترعى رسول الله (ص) نتيجة العلاقة الروحية بالإضافة إلى العلاقة النسبية مع أبيها، وهي في ذلك كله، في دورها كأم وكزوجة وكابنة لرسول الله (ص) وكربّة بيت، لم تكن تغفل دورها كامرأة مسلمة، فكانت تشعر بأنها مسؤولة عن أن تُعلِّم النساء في المجتمع الإسلامي الذي كان يحتاج إلى تعليم، ويُنقل في تاريخها أنها كانت تجمع نساء أهل المدينة، لتلقي عليهنَّ ما تسمعه من رسول الله (ص)، وكانت توجّههن بكل ما تستطيع من وسائل التوجيه التي تملكها.

    كانت (عليها السلام) تكتب ما تسمعه من رسول الله (ص)، واستطاعت أن تترك بعد وفاتها كتاباً سمِّي بمصحف الزهراء (ع).

    وقد حاول الكثيرون من الذين لا يتحمّلون مسؤولية الكلمة من بعض علماء المسلمين، اتهام الشيعة، فهم عندما يتحدثون عن مصحف الزهراء، يتحدّثون عن قرآن آخر غير القرآن الذي يلتزمه المسلمون، لأنّ كلمة المصحف أصبحت كلمة مرادفة لكلمة القرآن في العرف الإسلامي. ولكن هذا عرف متأخّر، لأنّ كلمة المصحف تطلق على كل كتاب له صفحات وله أوراق، فكل كتاب يسمى مصحفاً.

    والقرآن إنما سمي مصحفاً لأنّه يشتمل على صحف، فكلمة المصحف لا ترادف في المصطلح الإسلامي كلمة القرآن، إنما هي من مصطلحات المسلمين.

    ومصحف الزهراء هو كتاب كتبته (ع) مما كانت تسمعه من رسول الله (ص) من شؤون التشريع وغير التشريع، وقد تداوله أهل البيت (ع).
    بن الميرزا
    بن الميرزا
    Admin
    Admin


    لماذا القدوة؟ Empty رد: لماذا القدوة؟

    مُساهمة من طرف بن الميرزا السبت يوليو 04, 2009 8:35 pm

    وكان الإمام جعفر الصادق (ع) ينقل منه بعض الأحكام الشرعية، وعندما يُسأل: أين يوجد هذا؟ يقول إنّه موجود في مصحف جدتي فاطمة الزهراء (ع).

    إيثار الزهراء (ع)

    كانت الزهراء (ع) تشعر بأنها يجب أن تجعل كلِّ ما تملك، من الطاقات التي أعطاها الله إياها، في خدمة الدور الذي أراده سبحانه تعالى لها أن تقوم به، وفي خدمة الناس الذين أراد الله أن تخدمهم بما تملك من طاقات.

    وكانت في ذلك الجوّ كلّه تأخذ من وقتها الكثير، لتقف بين يدي الله، لتدعو ولتبتهل إليه، ولتسجد بين يديه، وثمة حديث عن عائشة تقول فيه: «ما كان أعبد في هذه الأمة مثل فاطمة، إنها كانت تقوم _ في الليل _ حتى تتورم قدماها».

    ويُحدِّث ولدها الإمام الحسن (ع): «رأيت أمي فاطمة (ع) قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعةً ساجدةً حتى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وتسمّيهم، وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أمّاه، لَمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك فقالت: يا بني الجار ثم الدار»(1).

    كانت من أهل هذا البيت الذي يعيش العطاء في كل ما يملكه، عطاء العلم، والمال والجاه والقوة، ويعيش العطاء للناس، لا على أساس أن يطلب مقابلاً لذلك {ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً* إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً* إنّا نخاف من ربِّنا يوماً عبوساً قمطريراً} (الإنسان/8-10).

    كانت من أهل هذا البيت الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

    الأبعاد الرسالية لموقف الزهراء (ع)

    كان للزهراء (ع) الدور الكبير في الوقائع التي حدثت بعد وفاة الرسول (ص). وهي تعطينا من خلال ذلك الفكرة الإسلامية التي تقول إن المرأة عندما تحتاجها الأمة، وتحتاجها المرحلة من أجل أن تقف وتواجه كل الحالات المعقدة، التي تستطيع من خلالها أن تعطي رأياً، أو تشارك في إسقاط واقع خاطئ، أو في بناء واقع صحيح، فيجب أن تعتبر ذلك من مسؤولياتها الإسلامية.

    ولهذا كانت فاطمة (ع) تعيش دورها كأعظم ما يكون الدور، وكانت في حياتها توازن أيضاً بين مصلحة المسلمين، وبين ما تعيشه في نفسها من حالات تتعلق بطبيعة قناعاتها في الساحة.

    ويُنقَل عنها أنّها كانت تتحدّث مع علي (ع) في حقّه في الخلافة، وفي حقها من فدك، ولكنها عندما وجدت أن الموقف العام لا يتحمل أكثر مما صنعت، ومما صنع علي (ع) من خلال الإعلان عن حقهما الإسلامي أمام المسلمين، قررت (عليها السلام) السكوت، لكنّه ليس السكوت السلبي المهزوم، إنما سكتت لتعبر عن موقفها الرافض، ولقد أدركت الأمة المعنى الكبير لسكوت الزهراء (ع).

    لقد بدأت الزهراء (ع) حركةً المعارضة في الإسلام ضد المواقف الخاطئة التي ظهرت منذ وفاة الرسول (ص)، لم يعارض قبلها أحد. وكان المسلمون يعظمون الزهراء (ع) من خلال إحساسهم بعظمتها عند رسول الله (ص). ولذلك اضطر الخليفتان اللذان اضطهداها أن يأتيا إلى بيتها تحت تأثير الضغط الاجتماعي، ليطلبا من علي (ع) أن تستقبلهما حتى يسترضياها، فقالت لهما: «أنشدكما بالله، هل سمعتما النبي (ص) يقول: فاطمة بضعة مني وأنا منها، مَن آذاها فقد آذاني ومَن آذاني فقد آذى الله ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي ومَن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي. قالا: اللهم نعم، فقالت: الحمد لله. ثم قالت: اللهم إني أشهدك فاشهدوا يا مَن حضرني، أنهما قد آذياني في حياتي وعند موتي...»(1).

    لقد استطاعت أن تعبر عن معارضتها بخطبتها السابقة، والتي تمثل وثيقة حيَّة في الفكر الإسلامي وفي التشريع الإسلامي وفي المفردات السياسية، كما أنها أكملت احتجاجها بعد موتها عندما أوصت علياً (ع) أن يدفنها ليلاً، وأن لا يحضر جنازتها هؤلاء الذين ظلموها حقها واضطهدوها. إنها أرادت أن تعبر عن معارضتها واحتجاجها وغضبها بعد الموت كما عبّرت عن ذلك قبل الموت، ليتساءل الناس: لماذا أوصت أن تُدفن ليلاً؟ وما هي القضية، وهذا أمر لم يسبق له مثيل في الواقع الإسلامي؟

    إنّ الجميع كانوا ينتظرون أن يشاركوا في تشييع الزهراء (ع)، ولكنّها دُفنت ليلاً وقيل لهم: إنّها أوصت بذلك، وبدأ التساؤل بين المسلمين: لماذا؟ ولماذا؟ وكانت تريد أن تثير التساؤل حتى يتحرك الجواب، وحتى يعرف الناس طبيعة المسألة بطريقة وبأخرى.

    كانت الزهراء (ع) لا تعيش الانفعالات، كما كان علي (ع) لا يعيش الانفعالات، كان علي مخلصاً للإسلام لأنّه جعل كل حياته لله وللإسلام، وكانت فاطمة مخلصة للإسلام، لأنّ حياتها كانت في خدمة رسول الإسلام وفي خدمة الإسلام، ولهذا فإنهما وازنا المرحلة، ووازنا الموقف، ولم يتحرّكا من خلال الانفعالات.

    إنّ قضية أن تطالب بحقك ليست قضية مطلقة، بل هي من القضايا التي تحتاج أن تدرس فيها طبيعة المشاكل التي يمكن أن تُثيرها مطالبتك بحقك، أو المشاكل التي تحدث من خلال عدم مطالبتك بحقك، فلا يكفي أن يكون لك حق لتحارب من أجله، بل لا بد لك من أن تختار الوقت الذي تطالب فيه بحقك، وأن تختار الساحة التي تحرّك فيها حقك، وأن تدرس الظروف المحيطة التي يمكن لها أن تستقبل حقك.. هذه هي الدروس التي نستلهمها من حياة فاطمة (ع) ومن حياة أهل البيت (عليهم السلام).

    آفاق الزهراء مع ربها

    كانت الساعات التي تقضيها الزهراء (ع) مع الله سبحانه، تستمد فيها الطاقة على كل المعاناة التي تعيشها. ويُنقل عنها (ع) دعاء كانت تدعو به في أوقات جلوسها بين يدي الله، كانت تقول فيه: «اللّهم قنِّعني بما رزقتني». اجعلني في ما ترزقني من رزق قانعة به، فلا أمدُّ عيني إلى الناس، ولا أشكو من رزقك، وإنما أدرس هذا العطاء الذي أعطيتني إياه من خلال ظروفي الطبيعية.. أدرسه وأقنع به، واجعلني أصبر على نفسي لأن الناس لا يصبرون عليّ.

    (وعافني أبداً ما أبقيتني، اللهم ارزقني العافية يا رب واغفر لي ذنوبي). كانت الزهراء (ع) معصومة من الخطأ والزلل والسهو والنسيان، فلم ترتكب في حياتها أي ذنب أو معصية مهما كان حجمها صغيراً، وهي عليها السلام إنما تقول هذا في دعائها لتربّي الناس على الاستغفار عندما يدعون بدعائها.

    (وارحمني إذا توفيتني)، فإذا جاءتني الوفاة ولم يبق لي إلاّ أنت، فارحم في ذلك البيت الجديد غربتي، حتى لا أستأنس بغيرك.

    (اللهمَّ لا تعنّي في طلب ما لم تقدِّر لي)، فهناك بعض الأشياء يا رب التي تعرف بعلمك أني لن أحصِّلها، فلا تجعلني أتعب في السعي وراء شيء تعرف أنني لا أحصل عليه.

    (اللهم فَرِّغني لما خلقتني له)، لقد خلقتني لعبادتك وخلقتني لطاعتك، وخلقتني للقيام بالمسؤوليات التي حمّلتني إيّاها في الحياة، اللهم فرِّغني لما خلقتني له، لا تشغلني عن طاعتك، لا تشغلني عن مسؤولياتي التي قدرتها لي، لا تشغلني عن عبادتك يا ربّ بشيء آخر.

    (ولا تشغلني بما تكفّلت لي به)، لا تشغلني بالرزق الذي تكفّلت لي به، وليس معنى لا تشغلني أي لا تجعلني أعمل، بل لا تجعله همي الأكبر الذي يُشغل فكري ويعطّل طاقاتي وعملي.

    (ولا تعذِّبني وأنا أستغفرك)، فإذا استغفرتك يا رب، فإنّي باستغفاري أطلب منك أن تعفو عني ولا تعذّبني ولا تحرمني، وأنا أسألك لأنك تعطي كل من سألك.

    (اللهم ذلِّل نفسي في نفسي)، ولا تجعلني أعيش الغرور، ولا تجعلني أعيش التكبّر، ولا تجعلني أعيش الاستعلاء على الناس، اجعلني ذليلاً في نفسي.

    (وعظّم شأنك في نفسي، وألهمني طاعتك، والعمل بما يرضيك، والتجنّب لما يسخطك يا أرحم الراحمين).

    هذه آفاق الزهراء (ع) مع الله، وتلك هي آفاقها مع الناس، وتلك هي حركتها في الحياة.

    لقد عاشت عليها السلام الآلام كأقسى ما تكون الآلام.. وعاشت الاضطهاد كأقسى ما يكون الاضطهاد، وكانت الإنسانة التي أذهب الله عنها الرجس وطهرّها تطهيراً. كانت المعصومة في سلوكها، ولذلك لا بد للمرأة المسلمة أن تجعل من الزهراء قدوتها في كل منطلقاتها، وفي كلِّ حركاتها، وفي كل قيامها بالمسؤولية، وذلك هو الذي يعطينا المعنى الكبير في تأمل ذكرى الزهراء (ع).[/b]

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس يونيو 27, 2024 10:32 pm