دورها في تعليم المسلمات
ولقد عاشت الزهراء وانطلقت، وكانت _ كما ينقل بعض المؤرخين _ تعلّم المسلمات ما تتعلّمه من رسول الله (ص)، وينقل صاحب «دائرة المعارف الإسلاميّة»: أنها أضاعت بعض الأوراق الّتي كانت تكتبها، فقالت لخادمتها «فضة»، وهي الّتي قامت على خدمتها في أواخر حياتها: «ابحثي عنها..»، لأهميّة هذه الكلمات الّتي اكتسبتها من رسول الله (ص)، ما يعني أنها مع كل معاناتها، كانت تعيش المسؤوليّة الإسلاميّة في تثقيف المسلمات، وكنّ _ أي المسلمات _ يأتينها بين وقت وآخر.
وتنقل لنا أحاديث أهل البيت (ع) أنّ لها كتاباً يطلق عليه «مصحف الزهراء»، وقد ظنّ بعض الناس من خلال كلمة المصحف أنّه قرآن غير هذا الّذي يقرأه المسلمون، لكنّه قد عبّر عنه في بعض الأحاديث _ كما في الكافي في باب الزكاة _ بأنّه كتاب فاطمة، لأن المصحف مأخوذ من الصحف وهي الأوراق، ففي القرآن يقول الله تعالى: {إنّ هذا لَفي الصُّحفِ الأُولى* صُحُفِ إبراهيمَ ومُوسى} (الأعلى/18-19)، أو كما في قوله: {في صُحُفٍ مُكرّمة} (عبس/13).
فهي الأوراق الّتي يُكتب فيها، وقد اختلف الناس فيما يشتمل عليه مصحف الزهراء، بين قائل إنّه يشتمل على وصيتها مع بعض الأحكام الشرعيّة، وبين قائل إنها تشتمل على بعض الغيبيات، وما إلى ذلك.
وعلى أيّة حال، فإنّه ليس موجوداً بين أيدينا، ولذلك فإن الجدل في ما يتضمنه وماذا يحويه ليس له أية ثمرة، لأنّه ليس موجوداً بين أيدينا حتّى نختلف فيه، وإنّما نأخذ منه ما حدّثنا أهل البيت (ع) عنه، كما نأخذ من كتاب علي (ع) _ وهو ليس بين أيدينا _ ما حدثنا الأئمة (ع) عنه، وهكذا بالنسبة إلى «الجامعة»، وإلى «الجفر»، مما أثر عن أهل البيت (ع) أنّها مصادرهم.