* عقيدتنا في النظر والمعرفة
نعتقد : أن الله تعالى لمّا منحنا قوّة التفكير ووهب لنا العقل ، أمرنا أن نتفكّر في خلقه وننظر ونتأمل في آثار صنعه ، ونتدبّر في حكمته وإتقان تدبيره في آياته في الآفاق وفي أنفسنا ، قال تعالى ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحق ).
وقد ذمّ المقلّدين لآبائهم بقوله تعالى : ( قالوا بل نتّبع ما ألفينا عليه آبائنا أولو كان آبائهم لا يعقلون شيئا ).
كما ذمّ من يتبّع ظنونه ورجمه بالغيب فقال : ( إن يتّبعون إلا الظن ) .
وفي الحقيقة أن الذي نعتقده : ان عقولنا هي التي فرضت علينا النظر في لخلق ومعرفة خالق الكون كما فرضت علينا النظر في دعوى من يدّعي النبوّة وفي معجزته ، ولا يصح عندها تقليد الغير في ذلك مهما كان ذلك الغير منزلة وخطرا .
وما جاء في القرآن الكريم من الحث على التفكير واتباع العلم والمعرفة فإنما جاء مقرّراً لهذه الحرية الفطرية في لعقول التي تطابقت عليها آراء العقلاء ، وجاء منبّها للنفوس على ما جبلت عليها من الإستعداد للمعرفة والتفكير ، ومفتّحاً للأذهان وموّجهاً لها على ما تقتضيه طبيعة العقول .
فلا يصح – والحال هذه – أن يهمل الإنسان نفسه في الأمور الإعتقادية ، أو يتّكل على تقليد المربين ، أو أي أشخاص آخرين ، بل يجب عليه – بحسب الفطرة العقلية المؤيدة بالنصوص القرآنية – أن يفحص ويتأمل وينظر ويتدبّر في أصول اعتقاداته المسمّاة بأصول الدين التي أهمّها : التوحيد ، النبوة ، الإمامة ، المعاد .
ومن قلّد آبائه أو نحوهم في اعتقاد هذه الأصول فقدارتكب شططاً ، وزاغ عن الصراط المستقيم ، ولا يكون معذوراً أبداً وبالإختصار عندنا هنا ادعاءان :
الأول : وجوب النظر والمعرفة في أصول العقائد ، ولا يجوز تقليد الغير فيها
الثاني : إن هذا وجوب عقلي قبل أن يكون وجوباً شرعياً ، أي لا يستقى علمه من النصوص الدينية ، وإن كان يصح أن يكون مؤيداً بها بعد دلالة العقل.
وليس معنى الوجوب العقلي إلاّ إدراك العقل لضرورة المعرفة ولزوم التفكير والإجتهاد في أصول العقائد .