موقف الزهراء (ع) على المستوى السياسي
* كيف يمكن أن نستوحي مسألة الممارسة النسوية للعمل السياسي من خلال موقف الزهراء (ع) من الخلافة؟
- عندما ندرس حياة السيدة الزهراء (ع)، فإننا نجد أنها انطلقت لتواجه الموقف من موقع التحدّي وردِّ التحدي، ولم تقف موقفاً سلبياً حيادياً.
فلقد شعرت (ع) أنّ مسألة الخلافة ليست مسألة علي (ع)، بل إنها مسألة الأمة ومسألة الرسالة. وكانت تشعر أنها مسؤولة عن حماية الأمة وحماية الرسالة.
ولذلك اندفعت في أولِ موقف خطابي لها إلى المسجد، لتتحدّث للمسلمين عن الإسلام، وعن أسرار الإسلام، وعن الواقع الذي عاشه المسلمون، والمصاب الذي حدث في غياب رسول الله (ص).
ثم تحدّثت لهم عن مسألة فدك، التي لم تكن تمثل بالنسبة إليها مالاً تريده، ولكنها تمثّل بالنسبة إليها مسألة منطلق للحق، تريد أن تحركه هناك.
وتحدّثت عن المسألة الأساسية كما لم تتحدَّث امرأةٌ قبلها. ولم تكتفِ بذلك، بل إنها واجهت المسؤولين عن هذا الموضوع بطريقة حاسمة، ثم بعد ذلك طافت على المهاجرين والأنصار، لتذكّرهم بحقّ علي (ع)، ثم جمعت نساء المهاجرين والأنصار في بيتها، وتحدّثت إليهنَّ حديثاً قاسياً عن أزواجهن، وكما قلنا إنها أوصت أن تدفن ليلاً كجزءٍ من الاحتجاج.
هذا الموقف الفاطمي الذي يمثّل الموقف الإسلامي المتحدي، الذي تقف فيه المرأة لمواجهة الموقف السياسي، وبالطريقة التي تعارض من أجل قضية التغيير، يعطينا شرعية حركة المرأة في المجال السياسي، فالزهراء (ع) من أهل البيت (ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، ولذلك فإنّ سلوكها في أي موقع، يعطينا الفكرة بأنّه يمثل السلوك الإسلامي الحق.
والزهراء عندما وقفت هذا الموقف، لم تقفه من خلال خصوصيتها الذاتية، ليقال كما يقول بعض الناس هذا تكليف، والزهراء لها تكليف خاص.
فالزهراء تصرّفت كمسلمة مسؤولة. حتى رسول الله (ص) كان يتصرّف كمسلم مسؤول، وحتى أهل البيت (ع) كانوا يتصرّفون كمسلمين مسؤولين.
لذلك، فعندما نرى الزهراء تتحرّك في هذا الموقف، فمعنى ذلك أنّ كل مسلمة تعيش مثل هذا الموقع من التحدي الذي يصيب الواقع الإسلامي، يمكن لها أن تقف موقف الزهراء، ويمكن لها أن تتحرّك في هذه الساحة.
وكما وقفت الزهراء (ع)، نجد أنّ ابنتها السيدة زينب (ع) وقفت نفس الموقف، لأنّ المسألة واحدة، فهناك موقف إسلامي يحتاج إلى دور المرأة، من خلال شخصية المرأة التي يمكن أن تضغط على الواقع، وهنا دور إسلامي يمكن أن تتحمله المرأة، وقد تحمّلته زينب (ع) باعتبار حاجة الموقف الإسلامي.