ظلامات الزهراء (ع)
وكانت (ع) تعيش آلامها وتعاني الكثير من الظلامات التي يرويها السنّة والشيعة، ومنهم «ابن قتيبة» في الإمامة والسياسة.. أنّهم جاؤوا بالحطب ليحرقوا بيت علي (ع) وفاطمة (ع) تهديداً لمن يعتبرونهم معارضة اجتمعت عند علي (ع) كما يقول المؤرخون، فلقد قيل لقائد الحملة: يا هذا إنّ فيها فاطمة!!
وفاطمة هي الإنسانة التي التقى كلّ المسلمين على حبّها وعلى احترامها وعلى تعظيمها، لأنّها البنت الوحيدة التي تركها رسول الله (ص) من بعده، ولأنّها بضعة منه يغضبه ما أغضبها ويؤذيه ما آذاها، فكيف تأتي بالنار لتحرق بيت فاطمة (ع)، ولكنه قال: «وإن!!»، ونحن نعتبر هذه الكلمة من أخطر الكلمات التي عبّر الشاعر المصري «حافظ إبراهيم» في قصيدته العمريّة عن خطورتها، لأنّها تعني، في ما تعنيه، أنّه لا مقدسات في هذا البيت، فلا مانع من أن يُحرّق على أهله.
ولذلك، فإنّنا نعتبر أن هذه الكلمة تعبّر عن أبشع الظلم على الزهراء (ع)، لأنها تشير إلى الروحيّة وما إلى ما كان القوم يهيِّئون له، وإنّني أتصور أنهم لو فتحوا باب الحوار الإسلامي والكلمات الطيبة، فإنّ علياً كان إنسان الحوار في كل حياته، حتى عندما أصبح خليفةً، وإن فاطمة (ع) هي إنسانة الحوار، لأن القرآن هو كتاب الحوار الذي تعلّما منه، ولكن الجو لم يكن يوحي بأيِّ حوار.
وعليه، فقد عانت الزهراء (ع) من ذلك كلّه، ولكنها لم تتحدّث عن ذلك، وإنما تحدّث علي (ع) عندما تحدّث مع رسول الله (ص) بعدما دفن فاطمة، وذلك بقوله: «وستُحدّثك ابنتُك عمّا نالَها وما أصابَها بعدَك».
ولقد لاحظنا أنّ ما كان يشغل فاطمة هو هذه القضيّة الإسلامية العامّة باعتبارها القضيّة الحيويّة التي تمثّل خط الإسلام، باعتبار أن عليّاً كان يمثّل الإنسان الذي علّمه رسول الله (ص) ألف باب من العلم، يفتح له من كل باب ألف باب، وأنه مع الحق والحق معه، وأنه منه بمنـزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعده، وأنّه الإنسان الذي عاش حياته كلّها جهاداً في سبيل الله، وكانت ضربته تعدل عبادة الثقلين، وكان الإنسان الذي تربّى مع رسول الله (ص) في كلِّ شيء، فكانت ترى فيه الإنسان المؤهّل الذي يقود المسلمين إلى الخير وإلى الانتصار.